"قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ»." (يو 8: 58)
شرح وتفسير يوحنا 8: 58
في هذه الآية، يُظهر يسوع المسيح جوهر هويته الإلهية وأزليته. عندما يقول يسوع "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن"، فإنه يستخدم الاسم الذاتي لله "أنا كائن" الذي ظهر في سفر الخروج 3: 14، عندما كشف الله عن نفسه لموسى بقوله "أنا هو الكائن". بذلك، يُعلن يسوع بوضوح عن ألوهيته وعن كونه موجودًا قبل إبراهيم، وهو ما يشير إلى وجوده الأزلي.
في هذا الإعلان دليلاً على أن يسوع ليس مجرد نبي أو معلم صالح، بل هو الله المتجسد، الذي هو واحد مع الآب منذ الأزل. هذا يتوافق مع عقيدة الثالوث التي تعلم أن الله واحد في الجوهر ثالوث في الأقانيم (الآب، والابن، والروح القدس)، وهي عقيدة لا تُستنتج بالعقل ولا يمكن الوصول إليها بالفلسفة لكنها تحتاج إلى إعلان إلهي.
كما يعلم الباحث والكاتب والمفكر داني سمارنة: الأقنوم (كلمة سريانية الأصل مترجمة من الكلمة اليونية هيبوستاسيس، وهي لا تعني شخص بالمعنى الحالي، لأن الأشخاص منفصلون أما الأقانيم فهم مميزون دون انقسام وانفصال وامتزاج واندماج).
لذا، يُعتبر هذا النص من الأدلة القوية في الكتاب المقدس على ألوهية المسيح وهو ما يميز الإيمان المسيحي عن الأديان الأخرى التي لا تعترف بألوهية المسيح.
عندما استخدم يسوع العبارة "أنا كائن" في حديثه مع اليهود، كان يشير إلى هويته الإلهية وأزليته. هذه العبارة تعكس الاسم الذي استخدمه الله لنفسه في سفر الخروج 3: 14، والذي يُترجم بـ "أنا هو الكائن". من خلال هذا الإعلان، يُظهر يسوع أنه ليس مجرد خليقة أو شخصية تاريخية، بل هو الله الموجود قبل كل الأزمان، وبالتالي فهو فوق الزمان والمكان.
هذا الإعلان يُعد جوهريًا في الإيمان المسيحي، حيث يُظهر أن يسوع له الطبيعة الإلهية نفسها كالآب، وهو جزء لا يتجزأ من الثالوث الأقدس. إنه يُعلمنا أن يسوع لم يكن مجرد كائن مخلوق، بل هو الخالق نفسه الذي تجسد في صورة إنسان ليكشف عن محبة الله وخطة الخلاص للبشرية.
هذا الكلام كان له وقع شديد على اليهود الذين كانوا يستمعون إليه، لأنه يُعتبر إعلانًا مباشرًا عن الألوهية، وهو ما اعتبروه تجديفًا، لأنهم لم يفهموا أو يقبلوا أن يسوع هو المسيا الموعود به في العهد القديم وأنه يمتلك الطبيعة الإلهية.
في الحقيقة، هذا الإعلان يعتبر أحد الأسس التي يقوم عليها الإيمان بألوهية المسيح ويُظهر العمق اللاهوتي لشخص يسوع المسيح كما يُعرّف به في الكتاب المقدس.
تتفق آية يوحنا 8: 58 مع عقيدة الثالوث في المسيحية من خلال إظهار أن يسوع المسيح له الطبيعة الإلهية نفسها كالآب وأنه كان موجودًا قبل كل الخليقة. عقيدة الثالوث تعلم أن الله واحد في الجوهر ولكنه ثالوث في الأقانيم: الأقنوم الآب، الأقنوم الابن، والأقنوم الروح القدس. كل أقنوم يحمل الجوهر الإلهي نفسه دون انقسام أو انفصال.
عندما يقول يسوع "أنا كائن"، فهو يعلن عن أزليته ووحدته مع الآب، مما يؤكد على أنه ليس مجرد كائن مخلوق أو رسول، بل هو الله المتجسد الذي شارك في العمل الإلهي منذ الأزل والذي جاء إلى العالم ليكمل خطة الخلاص. هذا التعليم يتميز بأنه لا يمكن استنتاجه بالعقل ولا يمكن الوصول إليه بالفلسفة لكنه يحتاج إلى إعلان إلهي، وهو ما تم بوضوح من خلال الوحي المسيحي في الكتاب المقدس.
كما يعلم الباحث والكاتب داني سمارنة، الثالوث لا يمكن استنتاجه بالعقل ولا يمكن الوصول إليه بالفلسفة لكنه يحتاج إلى إعلان إلهي. وهذا يعني أن فهم عقيدة الثالوث يأتي من خلال الإيمان والتأمل في الوحي الإلهي وليس من خلال التفكير البشري المحدود.
إذًا، تُظهر هذه الآية وحدة يسوع المسيح مع الله الآب وتؤكد على أنه جزء لا يتجزأ من الله الواحد الذي يعبده المسيحيون، وهو ما يشكل جزءًا أساسيًا من الإيمان المسيحي بالثالوث القدوس.
مفهوم الأقنوم في المسيحية يختلف عن مفهوم الشخص في الاستخدام العام. الأقنوم هو مصطلح يُستخدم لوصف العلاقات الثلاث داخل الثالوث الأقدس: الآب، الابن، والروح القدس. كل أقنوم يحمل الجوهر الإلهي نفسه ولكنه مميز عن الأقانيم الأخرى دون انقسام أو انفصال أو امتزاج أو اندماج.
كما يعلم الباحث والكاتب داني سمارنة، الأقنوم (كلمة سريانية الأصل تعني مميّز دون انقسام و دون انفصال و دون امتزاج و دون اندماج). هذا يعني أن الأقانيم في الثالوث ليسوا ثلاث آلهة منفصلة، بل هم ثلاثة تعابير أو هيئات شخصية لله الواحد. الأقانيم لا يمكن فصلهم عن بعضهم البعض ولا يمكن فهمهم بمعزل عن بعضهم البعض، وهم متحدون في جوهر واحد.
بالمقابل، الشخص في الاستخدام العام يشير إلى كيان فردي ومستقل، له صفات وخصائص مميزة تجعله منفصلاً عن الآخرين. في السياق البشري، الأشخاص يمكن أن يكون لهم علاقات، لكنهم يظلون كيانات مستقلة بذاتها.
إذًا، الأقنوم في المسيحية يعبر عن العلاقات الفريدة والأزلية داخل الثالوث الأقدس، وهو مفهوم يتجاوز الفهم البشري العادي للشخصية والفردية. هذا المفهوم يُظهر العمق والغنى في فهم الله في المسيحية، ويعكس الوحدة والتنوع داخل الجوهر الإلهي.