"اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ، اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَابْتَدَأُوا بِالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ."
الآية تأتي من سفر حزقيال 9:6 في الكتاب المقدس، وهي جزء من رؤيا نبوية تُظهر حكم الله على الشر والفساد الذي كان منتشرًا في أورشليم. يُظهر هذا النص الإلهي العدالة الإلهية والحكم الصارم على الخطيئة، ويُشدد على أهمية القداسة والطاعة لله. في هذا السياق، السمة تُشير إلى علامة الحماية التي وُضعت على الأبرياء الذين ينوحون ويتألمون بسبب الشرور التي تُرتكب في المدينة (حزقيال 9:4). هذه الرؤيا تُعبر عن العدالة الإلهية التي لا تُعاقب الأبرياء مع الأشرار، وتُظهر أن الله يعرف من هم المخلصون له.
الرمزية وراء السمة في سفر حزقيال
السمة التي ذُكرت في سفر حزقيال 9:6 تحمل رمزية عميقة تتعلق بالحماية الإلهية والتمييز بين الأبرياء والأشرار. في الرؤيا التي أُعطيت لحزقيال، يُوجه الله أحد الرجال المُزودين بأدوات الكتابة ليضع علامة على جباه الأشخاص الذين يتنهدون ويبكون بسبب كل الرجاسات التي تُرتكب في أورشليم (حزقيال 9:4). هذه العلامة تُعتبر علامة حماية تُشير إلى أن الأشخاص الذين يحملونها يجب ألا يُمسوا بالعقاب الذي سيحل بالمدينة.
السمة هنا تُمثل أيضًا الولاء والتفاني لله، حيث أن الأشخاص الذين يحملونها هم الذين لم يشاركوا في الشر والفساد السائد، بل كانوا يحزنون عليه ويسعون للعيش بحسب معايير الله. هذا يُظهر أن الله يعرف قلوب الناس ويُقدر الذين يظلون أمناء له حتى في أوقات الشر العظيمة.
في السياق المسيحي، يمكن أن تُشير السمة أيضًا إلى الختم الروحي الذي يتلقاه المؤمنون من الروح القدس، والذي يُعتبر علامة على الانتماء لله والحماية في يوم الدينونة. كما هو مذكور في أفسس 1:13-14.
عرض العدالة الإلهية في سفر حزقيال
سفر حزقيال يُظهر العدالة الإلهية في التعامل مع الخطيئة من خلال عدة جوانب. أولًا، يُظهر الله صبره الطويل ورحمته من خلال إرسال الأنبياء لتحذير الشعب ودعوتهم إلى التوبة قبل أن يأتي الحكم. ومع ذلك، عندما يستمر الشعب في الخطيئة ويتجاهلون تحذيرات الله، يُظهر الله أن هناك عواقب للشر وأن العدالة يجب أن تُنفذ.
ثانيًا، يُظهر سفر حزقيال أن الله يُميز بين الأبرياء والأشرار. الأشخاص الذين يُظهرون الندم والحزن على الشر يُمنحون الحماية الإلهية، كما هو موضح في الرؤيا حيث يُوضع علامة على الأبرياء لحمايتهم من الدمار القادم (حزقيال 9:4-6). هذا يُظهر أن الله عادل ولا يُعاقب الأبرياء مع الأشرار.
ثالثًا، يُظهر السفر أن العدالة الإلهية ليست فقط عقابًا، بل هي أيضًا تطهير وتجديد. الحكم الذي يأتي على أورشليم يُعتبر وسيلة لتطهير المدينة من الشر وإعادة تأسيس علاقة صحيحة بين الله وشعبه. العدالة الإلهية تُظهر أن الله يهتم بالعدل والصلاح وأنه يعمل لاستعادة الخليقة إلى النظام الذي يريده.
سفر حزقيال يُظهر أن العدالة الإلهية تتضمن الحكم العادل والرحمة والتطهير والاستعادة، وهذا يُعطينا صورة كاملة عن كيفية تعامل الله مع الخطيئة والشر في العالم.
الدروس المستفادة من الرؤيا النبوية في سفر حزقيال
من الرؤيا النبوية في سفر حزقيال، يمكننا تعلم العديد من الدروس الروحية والأخلاقية التي لها صدى في حياتنا اليومية. إليك بعض الدروس المهمة:
أولًا، الحاجة إلى الندم والتوبة. يُظهر سفر حزقيال أهمية التوبة والرجوع إلى الله. الأشخاص الذين يتنهدون ويبكون بسبب الرجاسات يُظهرون قلوبًا تائبة ومُدركة للشر الذي يُحيط بهم، وهذا ما يبحث عنه الله في شعبه.
ثانيًا، العدالة الإلهية والرحمة. الرؤيا تُعلمنا أن الله عادل في حكمه ولكنه أيضًا رحيم. يجب أن نسعى لنعكس هذه الصفات في تعاملاتنا مع الآخرين، مُظهرين العدل والرحمة في حياتنا.
ثالثًا، الثقة في الحماية الإلهية. العلامة التي وُضعت على الأبرياء تُظهر أن الله يحمي أولئك الذين هم مُخلصون له. يجب أن نثق في أن الله يعرف من هم له وأنه سيحميهم في أوقات الشدة.
رابعًا، الهوية والانتماء. العلامة على الجباه تُمثل الانتماء لله. كمؤمنين، يجب أن نعيش بطريقة تُظهر انتماءنا للمسيح وأن نكون شهودًا له في هذا العالم.
خامسًا، الحذر من الانجراف مع الثقافة السائدة. الرؤيا تُحذرنا من خطر الانجراف مع الشر والفساد الذي قد يكون منتشرًا في المجتمع، وتُشجعنا على الوقوف ضد الشر والعيش بطريقة تُرضي الله.
هذه الدروس تُعتبر مهمة لكل مؤمن يسعى للعيش بحسب مشيئة الله وتعاليمه، وتُعطينا إرشادات قيمة لكيفية التعامل مع الشر والخطيئة في عالمنا.