معجزة ميلاد المسيح
معجزة ميلاد المسيح، المعروفة أيضًا بالتجسد، هي واحدة من أعظم الأسرار في الإيمان المسيحي. يعتقد المسيحيون أن يسوع المسيح هو الأقنوم الإبن الحامل للجوهر الإلهي الذي اتحد بالطبيعة البشرية دون انقسام وانفصال وامتزاج واندماج، وذلك حسب ما ورد في الكتاب المقدس في متى 1:18-25 ولوقا 1:26-38. يُعتبر هذا الحدث دليلاً على سيادة الله المُطلقة ومحبته العميقة للبشرية، حيث أنه أرسل ابنه الوحيد ليولد من عذراء، وهي القديسة مريم، ليخلص العالم من الخطيئة.
المسيحية تعلم أن الثالوث لا يمكن استنتاجه بالعقل ولا يمكن الوصول إليه بالفلسفة لكنه يحتاج إلى إعلان إلهي. وهذا ما يميز الإيمان المسيحي عن الوَحدانية الإسلامية التي تسمى التوحيد، حيث أن الوَحدانية المسيحية تسمى الثالوث وتعبر عن الله الواحد في الجوهر ثالوث في الأقانيم.
الآيات الكتابية التي تتحدث عن ميلاد المسيح توجد في إنجيل متى وإنجيل لوقا. في إنجيل متى، يُسجل الحساب في الفصل الأول، الآيات من 18 إلى 25، حيث يُعلن عن حمل العذراء مريم بالمسيح بفعل الروح القدس وولادته في بيت لحم.
وفي إنجيل لوقا، يُسجل إعلان الملاك جبرائيل لمريم بأنها ستحمل وتلد ابنًا ويُدعى يسوع، وهذا يُعتبر إعلانًا للتجسد الإلهي.
هذه النصوص تُعتبر أساسية لفهم الإيمان المسيحي بميلاد المسيح كمعجزة إلهية تُظهر محبة الله وخطته لخلاص البشرية.
أهمية التجسد في الإيمان المسيحي تكمن في أنه يُعبر عن محبة الله العميقة للبشرية، حيث أن الله في المسيحية ليس إلهًا بعيدًا أو غير مهتم بالعالم، بل هو إله شخصي يرغب في إقامة علاقة مع البشر. التجسد يُظهر أن الله قد أخذ على نفسه الطبيعة البشرية وعاش بيننا كإنسان، مُعلمًا ومُظهرًا لنا كيفية العيش بحسب مشيئته.
من خلال التجسد، قدم يسوع المسيح نموذجًا للحياة الكاملة والمقدسة، وعبر عن محبة الله بشكل ملموس. كما أن التجسد يُعتبر الوسيلة التي بها تم تحقيق الفداء والخلاص للبشرية، حيث أن المسيح عاش حياة بلا خطيئة ومات على الصليب ليدفع ثمن خطايا البشر، ثم قام من بين الأموات، مُظهرًا انتصاره على الخطيئة والموت.
التجسد يُعلمنا أيضًا عن التواضع الإلهي، حيث أن الله في المسيحية لم يتردد في أن يأخذ صورة عبد ويُخضع نفسه للموت، وهذا ما يُعبر عنه في مفهوم الكينوسيس (Kenosis)، أي تفريغ الذات. هذا الحدث يُعتبر مثالًا عظيمًا للمؤمنين ليتبعوه في حياتهم الروحية والعملية.
بالتالي، التجسد ليس فقط حدثًا تاريخيًا، بل هو أساس للحياة المسيحية والعبادة، ويُعتبر الدليل الأكبر على أن الله يحبنا ويريد لنا الخير الأبدي.