نظرة عامة على الكتاب المقدس : أسفار العهد القديم
الكتاب المقدس هو مجموعة من الكتابات المقدسة التي تشكل النص الديني المركزي للديانة المسيحية. ينقسم الكتاب المقدس إلى قسمين رئيسيين: العهد القديم والعهد الجديد. العهد القديم، الذي يُعرف أيضًا بالتناخ في التقليد اليهودي، يحتوي على الكتابات التي تم تدوينها قبل مجيء يسوع المسيح ويشمل مجموعة متنوعة من الأنواع الأدبية مثل التاريخ، الشعر، النبوءة، والحكمة.
التوراة أو الأسفار الخمسة الأولى
1. سفر التكوين
2. سفر الخروج
3. سفر اللاويين
4. سفر العدد
5. سفر التثنية
الأسفار التاريخية
تشمل الأسفار التي تروي تاريخ بني إسرائيل من دخولهم أرض كنعان حتى السبي البابلي وما بعده.
الأسفار الشعرية والحكمية
تشمل الأسفار التي تحتوي على الشعر الديني والتأملات الحكمية.
الأسفار النبوية
تشمل كتابات الأنبياء الذين نادوا بالعودة إلى الله وتحذيرهم من العواقب الوخيمة للخطيئة.
ترتيب الأسفار في الكتاب المقدس يختلف بين التقليد اليهودي والمسيحي، وكذلك بين الطوائف المسيحية المختلفة. على سبيل المثال، الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية تشمل بعض الأسفار التي لا توجد في الكتاب المقدس البروتستانتي، وتُعرف هذه الأسفار بالأبوكريفا أو الديوتيروكانونيكا.
ما هي الأسفار الأبوكريفا أو الديوتيروكانونيكا؟
الأسفار الأبوكريفا أو الديوتيروكانونيكا هي مجموعة من الكتابات التي تُعتبر جزءًا من الكتاب المقدس في الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية، لكنها لا تُعتبر كذلك في الكنائس البروتستانتية. هذه الأسفار تمت كتابتها في الفترة ما بين العهدين القديم والجديد وتشمل كتابات تاريخية، شعرية، ونبوية. تُعرف أيضًا بالكتابات البينية وتشمل أسفار مثل:
سفر طوبيا
سفر يهوديت
إضافات إلى سفر استير
سفر الحكمة
سفر يشوع بن سيراخ (السيراخ)
سفر باروخ
رسالة إرميا
أسفار المكابيين الأول والثاني
تُعتبر هذه الأسفار مهمة لفهم التقليد اليهودي والمسيحي والتاريخ الديني للفترة التي تسبق مجيء المسيح. ومع ذلك، فإن الكنائس البروتستانتية لا تشملها في الكتاب المقدس لأسباب تاريخية ولاهوتية، حيث يعتمدون على القانون اليهودي الذي لا يشمل هذه الأسفار.
لماذا لا تُعتبر الأسفار الأبوكريفا جزءًا من الكتاب المقدس في الكنائس البروتستانتية؟
الأسفار الأبوكريفا لا تُعتبر جزءًا من الكتاب المقدس في الكنائس البروتستانتية لعدة أسباب. أولاً، الإصلاح البروتستانتي في القرن السادس عشر أكد على العودة إلى النصوص الأصلية والمصادر الأولية للإيمان المسيحي، وبالتالي اعتمدوا على القانون اليهودي الذي لا يشمل هذه الأسفار. ثانيًا، هناك شكوك حول الأصالة والسلطة اللاهوتية لهذه الأسفار، حيث لم تُدرج في القانون اليهودي ولم تُستخدم بشكل واسع في الطقوس اليهودية.
بالإضافة إلى ذلك، بعض الأسفار الأبوكريفا تحتوي على مفاهيم وعقائد لم تكن متوافقة مع التعاليم البروتستانتية، مثل الصلاة من أجل الموتى والتكفير عن الخطايا بالأعمال الصالحة. هذه العقائد كانت موضوع نقاش وجدل خلال الإصلاح البروتستانتي وأدت إلى رفض إدراج هذه الأسفار في الكتاب المقدس البروتستانتي.
ومع ذلك، يُعترف بأهمية هذه الأسفار التاريخية والأدبية، ويتم دراستها كجزء من التاريخ الديني والثقافي للفترة البينية بين العهدين القديم والجديد، ولكن دون منحها السلطة الكانونية ككتابات موحى بها.
ما هي العقائد الموجودة في الأسفار الأبوكريفا التي لم تكن متوافقة مع التعاليم البروتستانتية؟
هناك عدة عقائد موجودة في الأسفار الأبوكريفا التي لم تكن متوافقة مع التعاليم البروتستانتية، ومنها:
الصلاة من أجل الموتى: مثلما ورد في سفر المكابيين الثاني، حيث يُشير إلى الصلاة من أجل الموتى لكي يُغفر لهم. هذا المفهوم لم يكن مقبولًا في اللاهوت البروتستانتي الذي يؤكد على أن الخلاص يأتي من خلال الإيمان بيسوع المسيح وحده وليس من خلال الأعمال.
التكفير عن الخطايا بالأعمال الصالحة: بعض الأسفار الأبوكريفا تُشير إلى فكرة أن الأعمال الصالحة يمكن أن تكفر عن الخطايا، وهو ما يتعارض مع مبدأ الإصلاح البروتستانتي الذي يُعلي من شأن النعمة والإيمان كوسيلة للخلاص.
الوساطة والشفاعة: بعض الأسفار تتحدث عن وساطة القديسين وشفاعتهم، وهو ما يتعارض مع التعليم البروتستانتي الذي يؤكد على وساطة المسيح الوحيدة بين الله والإنسان.
هذه العقائد وغيرها أدت إلى رفض الكنائس البروتستانتية لإدراج الأسفار الأبوكريفا ضمن الكتاب المقدس. الإصلاح البروتستانتي ركز على مبادئ مثل "الكتاب المقدس وحده" (Sola Scriptura) كمصدر للسلطة الدينية، و"الإيمان وحده" (Sola Fide) كوسيلة للخلاص، و"النعمة وحدها" (Sola Gratia) كأساس للغفران، وهذه المبادئ لم تكن متوافقة مع بعض ما ورد في الأسفار الأبوكريفا.
كيف يتم التعامل مع الأسفار الأبوكريفا في الدراسات الدينية والثقافية؟
في الدراسات الدينية والثقافية، يتم التعامل مع الأسفار الأبوكريفا كمصادر تاريخية وأدبية ذات قيمة كبيرة. هذه الأسفار تُدرس لفهمها كجزء من التراث الديني والثقافي للفترة البينية بين العهدين القديم والجديد، ولما تحتويه من معلومات عن العقائد، الطقوس، والتاريخ الاجتماعي والديني لليهود والمسيحيين الأوائل.
على الرغم من أن الأسفار الأبوكريفا لا تُعتبر موحى بها أو جزءًا من الكتاب المقدس في الكنائس البروتستانتية، إلا أنها تُقدم رؤى ثمينة حول كيفية تطور الفكر الديني والممارسات العبادية خلال تلك الفترة. كما أنها تُستخدم للمقارنة مع الأسفار الكانونية لفهم السياق التاريخي والثقافي الأوسع للكتاب المقدس.
في الدراسات اللاهوتية، يمكن أن تُستخدم الأسفار الأبوكريفا لاستكشاف موضوعات مثل الملائكة، الشياطين، القيامة، والحياة بعد الموت، وكيف تم التعبير عن هذه المفاهيم قبل تدوين العهد الجديد. كما أنها تُعطي نظرة على التقاليد الشعبية والأدبية التي كانت سائدة في ذلك الوقت.
بالإضافة إلى ذلك، يتم دراسة الأسفار الأبوكريفا في العلوم الإنسانية كجزء من الأدب القديم، وتُقيم الدراسات الأدبية والنقدية النصوص من حيث الأسلوب، البنية، والموضوعات، مما يساعد على فهم أعمق للأدب الديني وتأثيره على الثقافات اللاحقة.
ما هو تأثير الإصلاح البروتستانتي على قبول الأسفار الأبوكريفا؟
الإصلاح البروتستانتي كان له تأثير كبير على قبول الأسفار الأبوكريفا. خلال القرن السادس عشر، قاد مارتن لوثر وغيره من الإصلاحيين حركة دينية تسعى إلى إصلاح الكنيسة الكاثوليكية وتصحيح ما اعتبروه انحرافات عن التعاليم الكتابية. واحدة من القضايا الرئيسية التي تم التركيز عليها كانت السلطة الكتابية وما يجب أن يُعتبر كانونيًا في الكتاب المقدس.
لوثر والإصلاحيون الآخرون اعتمدوا مبدأ "الكتاب المقدس وحده" (Sola Scriptura) كمصدر السلطة العليا في الإيمان والممارسة المسيحية. وفقًا لهذا المبدأ، يجب أن تستند جميع التعاليم والعقائد المسيحية إلى الكتاب المقدس وحده، دون الحاجة إلى تقاليد الكنيسة أو الأسفار الأبوكريفا التي لم تكن موجودة في القانون اليهودي.
نتيجة لذلك، تم استبعاد الأسفار الأبوكريفا من الكتاب المقدس البروتستانتي لأنها لم تُعتبر موحى بها بنفس الطريقة التي اعتُبرت بها الأسفار الأخرى. كما أن الإصلاحيين رأوا أن بعض التعاليم الموجودة في الأسفار الأبوكريفا لا تتوافق مع العقائد الأساسية للإصلاح، مثل الخلاص بالنعمة وحدها والإيمان وحده.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك تأكيد على العودة إلى النصوص الأصلية باللغات الأصلية (العبرية واليونانية)، ولم تكن الأسفار الأبوكريفا جزءًا من النص العبري للكتاب المقدس. هذا النهج ساهم في تشكيل الكتاب المقدس البروتستانتي كما نعرفه اليوم، والذي يختلف عن الكتاب المقدس الكاثوليكي والأرثوذكسي فيما يتعلق بالأسفار الأبوكريفا.
ما هي الموضوعات الدينية التي تُستكشف من خلال الأسفار الأبوكريفا؟
الأسفار الأبوكريفا تستكشف مجموعة متنوعة من الموضوعات الدينية التي تعطي نظرة على التطور الروحي والفكري لليهودية والمسيحية الأولى. من بين هذه الموضوعات:
الحكمة والأخلاق: أسفار مثل سفر الحكمة وسفر يشوع بن سيراخ تركز على الحكمة والأخلاق وتقدم تعاليم حول كيفية العيش بطريقة ترضي الله.
التاريخ والهوية اليهودية: أسفار مثل المكابيين تروي قصص النضالات والانتصارات التي مر بها اليهود، وتعزز الهوية اليهودية والتمسك بالتقاليد في وجه الضغوط الخارجية.
الملائكة والشياطين: بعض الأسفار تقدم وصفًا للعالم الروحي، بما في ذلك الأدوار والتصنيفات المختلفة للملائكة والشياطين.
القيامة والحياة بعد الموت: تُطرح أفكار حول القيامة والحياة الأبدية، وهي موضوعات كانت تتطور في الفكر اليهودي والمسيحي الأول.
الصلاة والعبادة: تُظهر الأسفار الأبوكريفا أشكالًا مختلفة من الصلاة والعبادة وتعكس التنوع في الممارسات الدينية.
العدالة الاجتماعية والفقر: تُناقش بعض الأسفار موضوعات مثل العدالة الاجتماعية، الرحمة، والعناية بالفقراء والمحتاجين.
هذه الموضوعات تُظهر التفاعل بين الدين والحياة اليومية وتُسلط الضوء على القضايا الروحية والأخلاقية التي كانت مهمة للمجتمعات التي عاشت في تلك الفترة. كما أنها تُقدم رؤى حول كيفية تطور العقائد والممارسات التي أصبحت جزءًا من الديانة المسيحية لاحقًا.
ما هي العقائد الأساسية للإصلاح البروتستانتي التي تعارضت مع الأسفار الأبوكريفا؟
الإصلاح البروتستانتي قام على عدة مبادئ أساسية تعارضت مع محتويات الأسفار الأبوكريفا، ومن هذه المبادئ:
الكتاب المقدس وحده (Sola Scriptura): يعتبر الكتاب المقدس هو المصدر الوحيد للسلطة الدينية والتعليم، ويجب أن تستند جميع العقائد والممارسات إلى ما ورد فيه. الأسفار الأبوكريفا لم تكن جزءًا من القانون اليهودي وبالتالي لم تُعتبر موحى بها بنفس الدرجة.
الإيمان وحده (Sola Fide): الخلاص يأتي من خلال الإيمان بيسوع المسيح وحده، وليس من خلال الأعمال الصالحة أو الصلاة من أجل الموتى، وهو ما يتعارض مع بعض ما ورد في الأسفار الأبوكريفا.
النعمة وحدها (Sola Gratia): الخلاص هو هبة من الله بالنعمة وليس نتيجة للأعمال البشرية. هذا يتعارض مع فكرة التكفير عن الخطايا بالأعمال الصالحة التي تظهر في بعض الأسفار الأبوكريفا.
المسيح وحده (Solus Christus): يسوع المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والإنسان، وهذا يتعارض مع مفاهيم الوساطة والشفاعة التي تُطرح في بعض الأسفار الأبوكريفا.
المجد لله وحده (Soli Deo Gloria): كل المجد يجب أن يُعطى لله وحده، وهذا يتعارض مع أي تعاليم تُعطي مجدًا للبشر أو القديسين كما قد يُفهم من بعض الأسفار الأبوكريفا.
هذه المبادئ الأساسية للإصلاح البروتستانتي شكلت الأساس الذي على أساسه تم رفض الأسفار الأبوكريفا كجزء من الكتاب المقدس البروتستانتي، وأدت إلى تأكيد البروتستانت على الأسفار الكانونية التي تتوافق مع هذه المبادئ.