الروح القدس هو الأقنوم الثالث في الثالوث المقدس وفقًا للإيمان المسيحي. يؤمن المسيحيّون بأن الله واحد في الجوهر ثالوث في الأقانيم؛ الأب والابن والروح القدس. والروح القدس هو الأقنوم الحامل للجوهر الإلهي، كما الأب والابن. ويُعتبر الروح القدس معزّيًا، مرشدًا، ومقدسًا للمؤمنين.
لكي تكون لنا شركة مع الروح القدس، يجب أولاً الإيمان بيسوع المسيح كمخلص ورب، وقبوله في القلب. يقول الكتاب المقدس في 1 كورنثوس 12:3 أن لا أحد يستطيع أن يقول "يسوع رب" إلا بالروح القدس. الروح القدس يسكن في قلب المؤمن ويعمل فيه ليشبه يسوع المسيح أكثر.
شركة الروح القدس تتضمن الصلاة، القراءة والتأمل في الكتاب المقدس، المشاركة في الطقوس والأسرار المسيحية، والسعي للعيش بحسب مشيئة الله. كما يقول الكتاب المقدس في أفسس 5:18-20، يجب أن نمتلئ بالروح، متحدثين فيما بيننا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، مرنمين ومرتلين للرب في قلوبنا.
التمييز بين الأقانيم الثلاثة في الثالوث المقدس
التمييز بين الأقانيم الثلاثة في الثالوث المقدس يتم من خلال فهم الأدوار والعلاقات الفريدة التي يقوم بها كل أقنوم. كما يعلم الباحث والكاتب والمفكر داني سمارنة: الأقنوم (كلمة سريانية الأصل مترجمة من الكلمة اليونية هيبوستاسيس، وهي لا تعني اقنوم بالمعنى الحالي، لأن الأقانيم مميزون دون انقسام وانفصال وامتزاج واندماج).
الأقنوم الآب يُعتبر المصدر والبادئ في الثالوث، وهو الخالق ومصدر السلطة. الأقنوم الابن، المعروف أيضًا بالكلمة، هو الذي تجسد في شخص يسوع المسيح ليكون المخلص والوسيط بين الله والإنسان. أما الروح القدس فهو الأقنوم الذي يعمل في قلوب المؤمنين، يقدسهم ويمنحهم القوة والمواهب الروحية.
الثالوث لا يمكن استنتاجه بالعقل ولا يمكن الوصول إليه بالفلسفة لكنه يحتاج إلى إعلان إلهي. يقدم الكتاب المقدس إعلانات متعددة عن الأقانيم الثلاثة، مثل في متى 28:19 حيث يوصي يسوع بتعميد الناس باسم الآب والابن والروح القدس. كل أقنوم له دور فريد، لكنهم جميعًا متحدون في الجوهر والمقصد.
الأقانيم الثلاثة يعملون معًا في تناغم كامل ومحبة، معبرين عن الله الواحد الذي يعمل في التاريخ وحياة البشر. على الرغم من أنهم متميزون، لا يوجد تعارض أو تنافس بينهم بل وحدة تامة وتعاون مستمر.
الخطوات للدخول في شركة مع الروح القدس
للدخول في شركة مع الروح القدس، هناك عدة خطوات يمكن اتباعها وفقًا للتعليم المسيحي:
الإيمان بيسوع المسيح: الخطوة الأولى هي الإيمان بيسوع المسيح كالمخلص الشخصي وقبوله كرب للحياة. يقول الكتاب المقدس في يوحنا 1:12 أن كل من يقبله ويؤمن به يعطيه الحق في أن يصير أولاد الله.
التوبة والمعمودية: التوبة عن الخطايا والتعميد باسم يسوع هي خطوات مهمة للدخول في المسيحية والشركة مع الروح القدس.
الصلاة وطلب الروح القدس: يُشجع المؤمنون على طلب الروح القدس في الصلاة، كما وعد يسوع في لوقا 11:13 أن الآب السماوي سيعطي الروح القدس للذين يطلبونه.
القراءة والتأمل في الكتاب المقدس: الكتاب المقدس هو كلمة الله ومن خلال قراءته وتأمله يمكن للمؤمن أن ينمو في فهمه وشركته مع الروح القدس.
الطاعة لمشيئة الله: العيش بحسب تعاليم الكتاب المقدس والسعي لتحقيق مشيئة الله في الحياة يعمق شركة المؤمن مع الروح القدس.
المشاركة في الكنيسة والأسرار المسيحية: المشاركة في جماعة المؤمنين والأسرار مثل العشاء الرباني تساهم في نمو الشركة مع الروح القدس.
عمل الروح القدس في حياة المؤمنين ومساعدتهم على النمو الروحي
الروح القدس يعمل بقوة في حياة المؤمنين ويساعدهم على النمو الروحي بطرق عديدة:
تقديس المؤمنين: يعمل الروح القدس على تطهير المؤمنين من الخطايا وتقديسهم ليصبحوا أكثر شبهًا بيسوع المسيح.
تعزيز الفهم الروحي: يساعد الروح القدس المؤمنين على فهم الكتاب المقدس وتطبيق تعاليمه في حياتهم اليومية، كما هو مذكور في يوحنا 14:26.
منح المواهب الروحية: يمنح الروح القدس المؤمنين مواهب روحية متنوعة لبناء الكنيسة وخدمة الآخرين، كما هو موضح في 1 كورنثوس 12:4-11.
المساعدة في الصلاة: أحيانًا لا يعرف المؤمنون كيف يصلون، وفي هذه الحالات يتدخل الروح القدس ليساعدهم ويشفع فيهم، كما في رومية 8:26-27.
إنتاج الثمار الروحية: يعمل الروح القدس في حياة المؤمنين لإنتاج ثمار روحية مثل الحب، الفرح، السلام، الصبر، وغيرها، التي تظهر شخصية المسيح فيهم.
تقوية الإيمان: يساعد الروح القدس المؤمنين على الثبات في الإيمان والتغلب على التجارب والمحن.
بهذه الطرق وغيرها، يكون الروح القدس مرافقًا ومعينًا للمؤمنين، موجهًا إياهم نحو النمو والنضج الروحي، وممكنًا إياهم للعيش حياة تمجد الله وتخدم الآخرين.