الله في المسيحيّة واحد أَم ثلاثة؟
الثالوث في المسيحية
في المسيحية، الله واحد في الجوهر ثالوث في الأقانيم. هذا يعني أن الله واحد في طبيعته وجوهره، لكنه يتجلى في ثلاثة أقانيم: الأقنوم الآب الحامل للجوهر الإلهي، والأقنوم الابن الحامل للجوهر الإلهي، والأقنوم الروح القدس الحامل للجوهر الإلهي. هذه العقيدة تُعرف بعقيدة الثالوث، وهي لا تعني ثلاثة آلهة بل إله واحد يُعبّر عن نفسه في ثلاثة أقانيم متميزين دون انقسام أو انفصال أو امتزاج أو اندماج.
الثالوث لا يمكن استنتاجه بالعقل ولا يمكن الوصول إليه بالفلسفة لكنه يحتاج إلى إعلان إلهي. وقد تم الإعلان عنه في الكتاب المقدس، ويُعتبر من الأسرار الإلهية التي تُفهم بالإيمان والوحي الإلهي. يقول الكتاب المقدس في متى 28:19 وفي 2 كورنثوس 13:14 عن هذه العقيدة.
الأدلة الكتابية على عقيدة الثالوث
عقيدة الثالوث مستمدة من الكتاب المقدس، وهناك العديد من الآيات التي تشير إلى هذه العقيدة. من الأمثلة على ذلك:
في متى 28:19، يأمر يسوع التلاميذ بأن يذهبوا ويجعلوا الناس من جميع الأمم تلاميذًا، معمدين إياهم باسم الآب والابن والروح القدس.
في 2 كورنثوس 13:14، يذكر بولس الرسول نعمة الرب يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميع المؤمنين.
في يوحنا 1:1-14، يُظهر النص العلاقة بين الكلمة (الابن) والله (الآب)، ويُعلن أن الكلمة صار جسدًا وسكن بيننا.
في يوحنا 14:16-17، يتحدث يسوع عن إرسال الروح القدس من الآب باسمه.
في يوحنا 15:26، يُشير يسوع إلى الروح القدس كالمعزي الذي يُرسل من الآب ويشهد ليسوع.
هذه الآيات وغيرها تُشكل الأساس الكتابي لعقيدة الثالوث، والتي تُظهر أن الله واحد في جوهره لكنه يتجلى في ثلاثة أقانيم متميزين ومتحدين في الجوهر والعمل.
فهم العلاقة بين الأقانيم الثلاثة في الثالوث
العلاقة بين الأقانيم الثلاثة في الثالوث هي علاقة تميز دون انقسام وتوحيد دون امتزاج. كل أقنوم يحمل الجوهر الإلهي كاملاً ولكن لكل منهم دور وعمل مميز في خطة الخلاص والتعامل مع البشرية.
الأقنوم الآب يُعتبر المصدر والمبدأ في الثالوث، وهو الذي منه وبه وله كل الأشياء.
الأقنوم الابن، الذي تجسد في يسوع المسيح، هو الكلمة الذي كان مع الله وكان الله، وهو الذي به تمت كل الأعمال الخلاصية من خلال موته وقيامته.
الأقنوم الروح القدس هو الروح المعزي الذي يسكن في المؤمنين، يقودهم إلى كل الحق ويمنحهم القوة والمواهب للعيش حياة مسيحية.
العلاقة بين الأقانيم الثلاثة هي علاقة محبة وانسجام تام، حيث يعملون معًا بشكل متناغم لتحقيق مشيئة الله. هذه العلاقة تُعبر عنها في الكتاب المقدس من خلال مفاهيم مثل الشركة والمحبة والتعاون الأزلي بين الأقانيم.
من المهم أن نفهم أن الثالوث ليس مجرد مفهوم عقلي بل هو حقيقة إلهية تُعلن عن ذات الله وكيفية تعامله مع العالم. الثالوث يُظهر عمق وغنى الله الواحد الذي لا يمكن حصره في فهم بشري محدود.
في النهاية، الثالوث هو سر من أسرار الإيمان المسيحي الذي يُدرك بالوحي ويُقبل بالإيمان، ويُعيش من خلال العلاقة الشخصية مع الله الذي يُعرف بالآب والابن والروح القدس.
